إن تقدم العلم في القرون العديدة الماضية ساهم في فهمٍ أكبر لهذا الكون المُعقد، ساعد في رفع مستوى المعيشة لكثير من الناس في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، لا زلنا نواجه العديد من التحديات الصعبة التي لم نتجهز بعد لمواجهتها كما يتضح من تغير في المناخ ووباء كورونا COVID-19 المنتشر حاليا في كل دول العالم، والتي أظهرت أننا لم نفهم بعد ما تخبئه لنا الطبيعة. من أجل حل عدد أكبر من هذه المشاكل التي تواجه البشرية، نحتاج لحلول جذرية حيث يلعب العلم فيها دورًا جوهريًا. لذا فإن الآمال معلقة على الذكاء الاصطناعي لتسريع الاكتشافات وفهمها من خلال الغوص أكثر في الأسئلة التي يمكن للباحثين طرحها وإيجاد اجابات لها.
دومًا ما يستخدم العلماء الحوسبة للتقدم في العلوم، استخدام برامج الكمبيوتر لمحاكاة الأنظمة لشرح وفهم الظواهر العلمية. لطالما كان هذا المنهج مثمرًا بشكل لا يصدق للعلم، حيث وصلنا لمراحل متقدمة من محاكاة للذرات إلى نمذجة للكون. مع ذلك، فإن هذا المنهج التقليدي محدود بسبب اعتماده على المبرمجين البشريين الذين يجب عليهم أولاً استخلاص القواعد من النظريات التجارب والملاحظات، ثم استخدام هذه القواعد لتكويد البرامج. نأمل أن نستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي لاستنتاج مثل هذه القواعد ذاتيًا مباشرة من البيانات أو الخبرات، وربما تتجاوز ما يمكن للباحثين ايجاده بمفردهم. أنظمة التعلم الذاتي هذه يمكنها ايجاد الحلول والاستراتيجيات من خلال اكتشاف الخصائص المخفية للبنية الأساسية لمجموعة البيانات الضخمة، وبالتالي زيادة فهم الإنسان للظواهر.
النقطة المهمة هنا هي إيجاد المشاكل المناسبة لهذه الأنظمة لاستكشافها. على الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على حل العديد من الإشكاليات، إلا أنه لا يجب تطبيقه على كل مشكلة علمية. سيثبت تطبيق الذكاء الاصطناعي على الأسئلة التي تهم المجتمع خصوصًا نجاعةً وتقدمًا أكثر، والتي تتطلب ميزات منطقية وتحليلية معقدة. جزء كبير من حل المشكلة يكمن في اختيار السؤال الصحيح، ومن ثم، فإن النقطة الحاسمة هي إيجاد الإشكاليات المناسبة لهذه الأنظمة لاستكشافها.
على سبيل المثال، أحد أهم الأسئلة في علم الأحياء هو فهم كيف تأخذ البروتينات أشكالها. البروتينات ضرورية لمختلف العمليات التي تحدث داخل الجسم، فهي كالآلات المصغرة التي تقوم بالعديد من المهام داخل الخلايا. يعبر شكل البروتين عن وظيفته، وهذا هو السبب في أن العديد من الباحثين يكرسون جهدهم ووقتهم لاكتشاف مختلف بنيات البروتين، بمجرد معرفة شكل البروتين يمكن للباحثين فهم كيفية عمله بشكل أفضل، وايجاد الأدوية التي تتفاعل معه في حالة المرض. لذا فإن هذا الإشكال يُعد تطبيق مثالي للذكاء الاصطناعي، لأن لدينا مجموعة بيانات كبيرة عن بنية البروتينات المعروفة لتدريب الأنظمة عليها، لذا نحن نملك مشكلة تمكننا من قياس تقدم هذه الأنظمة.
قد يقضي العلماء سنوات في العمل على شكل بروتين واحد باستخدام طرق تجريبية تقليدية تستغرق وقتًا طويلاً، مثل علم البلورات. بدلاً من تحديد شكل بروتين واحد في كل مرة، ماذا لو كان بإمكاننا استخدام البيانات الموجودة لتعليم نظام الذكاء الاصطناعي كيفية التنبؤ بشكل أي بروتين موجود طبيعيًا أو حتى نظريًا من خلال وصف تسلسل الأحماض الأمينية.
باستخدام هذا النظام، أنشأنا مؤخرًا تنبؤات لأشكال ست بروتينات تشمل SARS-CoV-2، فيروس كورونا. COVID-19 إن البنيات التي تنبأت بها طريقتنا لا تؤدي مباشرة إلى علاج ،قد توفر تلميحات مفيدة للباحثين الذين يعملون على الأدوية والأجسام المضادة التي يمكن أن تعمل ضد الفيروس ، وقد تضيف بعض المعلومات لمساعدتنا في فهم هذا التهديد العالمي.
هذا هو جمال الذكاء الاصطناعي: فهو سيمكّننا من الانتقال من الطرق التقليدية التي تأخذ الكثير من الوقت إلى طرق متقدمة و سريعة ، إنه يعمق طبيعة الأسئلة التي يمكن للعلماء طرحها: ليس ببساطة "ما هو شكل البروتين X؟" ولكن، بتحديد أكثر، "ماذا يعني شكل كل بروتين؟" لا يعطي البحث عن سؤال مثل هذا لإجابة واحدة، ولكن الكثير، ويفتح لنا العديد من المجالات الجديدة لطرح الأسئلة.
إذا تمكنا من إحراز تقدم كافٍ في معرفة كيفية أخذ البروتينات لأشكالها، فقد يكون من السهل انتاج عقاقير وإنزيمات جديدة ولقاحات شاملة، مما يؤدي إلى فوائد اجتماعية لا حصر لها. وبالمثل، إذا تمكنا من استخدام الذكاء الاصطناعي لمحاكاة الذرات، فقد يكون من الممكن تصميم مواد جديدة للبطاريات وتكنولوجيا الطاقة الشمسية والمزيد. مع أهمية طرح السؤال الصحيح، وادخال البيانات الصحيحة، إن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستعمل على تعميق فهمنا العلمي وتُسرع من تقدم التكنولوجيا. وتساعدنا على فهم الكون أكثر، واستخدام هذا الفهم لعالم أفضل.
المصدر من هنا
شاهد أيضا :10 أشياء مخيفة و مرعبة قالتها أجهزة الإنسان الآلي
اغرب 10 تطبيقات للهواتف الذكية لم تسمع عنها من قبل
تحميل افضل تطبيق للأذان ومواقيت الصلاة لهواتف الاندرويد والايفون